أقصد بالإشباع تقوية النطق بالصوت وعكسه الإضعاف, وهما يرتبطان بالموقع في السياق, ويمكن بحسب ظاهرة الإشباع والإضعاف أن نرصد للحرف في مكانه من الدفعة الكلامية ثمانية مواقع بيانها كما يلي:
١- بداية النطق كموقع الكاف من كتب.
٢- الوسط بين حركتين كموقع التاء من كتب.
٣- المشدد في الوسط كموقع اللام من علم.
٤- الساكن في الوسط كموقع العين من معلوم.
٥- المتحرك بعد ساكن في الوسط كموقع اللام من معلوم.
٦- الساكن قبل الآخر المسكن بالوقف كموقع الجيم من استخرجت.
٧- الساكن المفرد في آخر الكلام كموقع الباء من اضرب.
٨- الساكن المشدد في آخر الكلام كموقع اللام المشددة الساكنة بالوقف من استقلّ.
فإذا أردنا أن ننسب إلى الحروف في هذه المواقع إشباعًا فإنه يمكن القول: إن أضعف ما يكون الحرف إنما يكون وسطًا بين حركتين "الموقع رقم٢", وأقوى ما يكون إنما يكون ساكنًا مشددًا في آخر الكلام "الموقع رقم٨". واختلاف هذه المواقع إشباعًا وإضعافًا في الكلام صادق حتى مع التغاضي عن اعتبارات النبر التي سنشرحها بعد قليل, وينبغي لنا أن نقول هنا: إن ظاهرة الإشباع والإضعاف المذكورة قد تَمَّت دراستها في لهجة عدن المعاصرة, وأن تطبيقها على اللغة العربية الفصحى ينبغي أن يؤخذ مع التسامح, فهو نتيجة ملاحظة دائبة لا تدعمها تجارب آلية كما حدث عند دراستها في لهجة عدن.
وربما كانت ظاهرة الإشباع والإضعاف هي التفسير المقبول الوحيد لعدد من الظواهر المفردة المبعثرة في العربية الفصحى وجمعًا لها تحت عنوان واحد وفي إطار ظاهرة واحدة, ومن ذلك ما يأتي: