وأما هنا وثَمَّ والآن وأمس, فمكانها الذي يفرضه مبناها ومعناها هو بين ضمائر الإشارة, فهي ضمائر إشارة ولكنها عوملت معاملة الظروف الظرفية كبقية ما عومل من الكلمات معاملتها.
ليس في اللغة العربية الفصحى مما ينبغي أن يوضع في قسم مستقلٍّ من أقسام الكلم يسمَّى "الظرف" إلّا تلك الكلمات التي عددناها في بداية القول في الظرف, وهي: إذ وإذا وإذا ولما وأيان ومتى وهي للزمان, ثم أين وأنَّى وحيث وهي للمكان.
وهذه الظروف تتميّز عن بقية أقسام الكلم بالسمات الآتية:
١- من حيث الصورة الإعرابية: هي جميعًا من المبنيات, والمعروف أن البناء مما يقرب السلمة من الحروف, ومن هنا كان البعد الكبير بين طابع الظرف وطابع الاسم, حتى إن بعض الأسماء التي تفيد معينًا حين تعامل معاملة الظرف تمنع التصرف كما رأينا تحت رقم٦ منذ قليل.
٢- من حيث الرتبة: الظروف رتبتها التقدّم على مدخولها, سواء أكان مفردًا أم جملة, ولكنها تكون حرة الرتبة في الجملة عامة.
٣- من حيث الصيغة: هذه الظروف كلها من غير المشتقات مثلها مثل الضمائر والأدوات, ومن هنا لا تكون لها صيغ معينة, ولا تتصرّف إلى صيغ غير صيغها, ولعل هذا أيضًا مما يباعد بينها وبين الأسماء ويقارب بينها وبين الحروف.
٤- من حيث الجدول: ما دامت هذه الظروف غير متصرفة, فإنها لا تدخل في علاقات جدولية مع غيرها أيًّا كان نوع هذه العلاقات.
٥- من حيث التضامّ: بعض هذه الظروف قد يسبقه الحرف نحو منذ: متى, ومن أين, وإلى أين، ومن حيث, وإلى حيث, والظروف ذات افتقار إلى مدخولٍ لها يعيّن معناها الزماني المبهَم, والضمائم التي بعد هذه الظروف إمّا أن تكون كلًّا من المفرد والجملة كما في أيان ومتى وأين وأني, وإما أن تكون الجمل فقط كما في حيث وإذا وإذ ولما, وبعض الظروف تتبعه ما, وهو إذ وإذا ومتى وأين وحيث.