للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من هذا نرى أن جميعها يفيد الزمن ولا يفيد واحد منها معنى الحدث, وأن جميعها إلّا كان يضيف إلى معنى الزمن أحد معاني الجهة, وأن بعضها لا يتصرف أبدًا شأنه شأن بقية الأدوات, وأما ما تصرّف منها فإنه ناقص التصرف, فقد يستعمل منه المضارع فقط, أو المضارع والأمر, أو هما واسم الفاعل, أو هن والمصدر, ولكننا لا نجد واحدًا منها يتصرف كما يتصرف الفعل التام. والوظيفة الأساسية التي تؤديها هذه الأدوات هي النسخ, والمعروف أن للجملة الاسمية إسنادًا لا على معنى الزمن, فهي نسبة الخبر إلى المبتدأ على طريق الوصف, فإذا أردنا أن نشرب الجملة الاسمية معنى الزمن خالصًا من دون الحدث, فإن السبيل إلى ذلك أن ندخل الناسخ عليها, فنزيل عنها طابعها الأصلي وهو الخلو من الزمن وهذا هو معنى النسخ. ومع خلو الجملة الأسمية حينئذ من معنى الحدث, فإن الناسخ قد يعطيها معنى جهة ما من جهات الفهم كما أوضحنا, يقول ابن عصفور١: "وكان إذا كانت زائدة للدلالة على اقتران الجملة بالزمان، وإن كانت ناقصة فكذلك أو بمعنى صار".

ولقد ذكرنا أن هذه الأدوات محوَّلة عن الفعلية, ونحن نعلم أن السمات التي تتميّز بها الأفعال منها ما يتصل بالمبنى, ومنها ما يتَّصل بالمعنى, فمما يتَّصل بالمبنى أن يكون للفعل صيغة صرفية معينة, وبعض هذه النواسخ ليس على صيغة ما مثل: "ليس", فهذه تخرج من الأفعال بعدم مجيئها على صورة الفعل, كما تخرج بعدم تصرفها إلى صيغ أخرى وإبائها الدخول في جدول تصريفي ما, ومما يشاركها في إباء الدخول في جدول تصريفي ما دام وراح وآض وكرب وأخذ وجعل وطفق وعسى واخلولق. وأما كان وبات وصار وأمسى وأصبح وظل فإنها يأتي منها المضارع والأمر واسم الفاعل, ولكن


١ المقرب.

<<  <   >  >>