مبررًا لاعتبار هذه الأفعال من بين النواسخ, ولماذا نهتم إلى هذا الحدّ بما يمكن أن يصير إليه المفعولان بعد الحذف, ثم لا نهتم بالشبه القوي بين ظنَّ وأخواتها, وأعطى وأخواتها, ولو صحَّ أن صلاحية ما بعد الفعل لأن يصير جملة تبرر اعتبار الفعل ناسخًا لصارت "جاء" من قولنا: "جاء زيد يركب فرسه" ناسخة؛ لأن صاحب الحال والحال هنا صالحان معًا لأن تتكون منهما جملة من مبتدأ وخبر. أضف إلى ذلك أن هناك اعتبارات أخرى هامّة تدعو إلى اعتبار ظنَّ وأخواتها من الأفعال التامة غير الناسخة, ومن ذلك ما يأتي:
١- إن العلاقة بين ظنَّ وأخواتها وبين المفعولين علاقة يتضح فيها معنى التعدية, وهو معنى لا يمكن فهمه منها عند اعتبار علاقة النسخ, وقد سبق أن اقتبسنا من شرح الأشموني ما يفيد أن النواسِخَ لا توصف بتعدٍّ ولا بلزوم.
٢- إن ظنَّ وأخواتها أفعال متصرفة, وقد سبق أن أشرنا إلى أنَّ النواسخ تشترك في طابع عام هو نقص التصرف أو عدم التصرف أصلًا.
ومن ثَمَّ تكون ظنَّ وأخواتها أفعالًا تتعدى إلى مفعولين وليست أدوات ناسخة, ويصدق القول نفسه على أعلم وأرى.