في إطار علم الصرف حسبة لوجه علم المعجم, مبتعدين بها عن شكلية الصيغ والزوائد والملحقات ذات المعاني الوظيفية, جانحين بها في اتجاه المعجم بحيث يكون "الاشتقاق" حدودًا مشتركة بين المنهجين, وإذا صحَّ لنا أن نوجد رابطة بين الكلمات فينبغي لنا ألّا نجعل واحدة منها أصلًا للأخرى, وإنما نعود إلى صنيع المعجميين بالربط بين الكلمات بأصول المادة, فنجعل هذا الربط بالأصول الثلاثة أساس منهجنا في دراسة الاشتقاق, وبذلك نعتبر الأصول الثلاثة أصل الاشتقاق, فالمصدر مشتق منها والفعل الماضي مشتق منها كذلك. وبهذا لا نستطيع أن ننسب إلى هذه الأصول الثلاثة أي معنى معجمي على نحو ما صنع ابن جني, وإنما نجعل لهذه الأصول معنى وظيفيًّا هو ما تؤديه من دور تلخيص العلاقة بين المفردات.
وحين نرى الأصول الثلاثة وهي فاء الكلمة وعينها ولامها أصلًا لاشتقاق الكلمة وذوات رحمها, نحب أن ننبِّه إلى أن هذا الاعتبار يقتضي أن تكون كلمات اللغة العربية جميعها فيما عدا الضمائر والظروف والأدوات وبعض الخوالف مشتقة, وأن الكلمات الصلبة الوحيدة في اللغة هي هذه الضمائر والظروف والأدوات والخوالف. ويصبح الاشتقاق مع ذلك الفهم دراسة صرفية مسوقة لخدمة المعجم كما كانت المباني والزيادات والملحقات دراسة صرفية مسوقة لخدمة النحو. ويتبع هذا الفهم الجديد للاشتقاق أمر آخر هو تقسيم الكلمات المشتقة حسب هذا الفهم إلى متصرفة وجامدة, فأما الأولى فهي التي تتضح الصلات بين بعضها وبعض بواسطة تقليب حروف مادتها على صيغ مختلفة كالأفعال والصفات, وأما الثانية: فهي التي لا يمكن فيها ذلك كرجل وفرس وكتاب. ويكون المصدر بهذا الفهم مشتقًّا متصرفًا لأن صيغته تعتبر إحدى الصيغ التي تتقلب عليها أصول المادة, وكذلك يعتبر الفعل الماضي مشتقًّا متصرفًا. وتصبح الصورة العامة للمشتقات والصلاب على النحو التالي: