هنا مفهوم من جهة كونه مسببًا عن الرغبة في اللقاء, وتكون الغائبة وهي قرينة معنوية دالة على المفعول لأجله, أو على معنى المضارع بعد الأدوات المذكورة, ومقيدة للإسناد الذي لولاها لكان أعمّ, وتكون أيضًا بسبب تقييدها هذا للإسناد دالة على جهةٍ في فهم الحدث الذي يشير إليه الفعل. ويقال الشيء نفسه في: أنا آتٍ رغبة في لقائك، وأنا آتي رغبة في لقائك, وسآتي رغبة في لقائك, وأآت أنا رغبة في لقائك, وهلمَّ جرا. وهي أيضًا قرينة نصب المضارع بعد الفاء واللام وكي وحتى.
وأما المعية فهي قرينة معنوية تستفاد منها المصاحبة على غير طريق العطف أو الملابسة الحالية, والعطف والملابسة معنيان آخران يعبَّر عنهما بالواو كما يعبَّر بها عن المعية, ولسنا هنا بصدد الكلام عن الواو؛ لأن الواو قرينة لفظية, وكلامنا هنا في القرائن المعنوية, وفي قرينة معنى المعية بصفة خاصة. واصطلاح المعية مقصود على قرينة المفعول معه والمضارع بعد الواو, أي: إنه خاص بهذين البابين, ومن أمثلة المضارع المذكور نحو: "لا تأكل السمك وتشرب اللبن", ومع أن معنى الواو هنا هو نفسه معنى الواو التي في المفعول معه, كما يتشابه المعنى هنا والمعنى هناك, أحب النحاة أن يفرقوا بين معنيين متشابهين بسبب الاختلاف في التضامّ بين الواو وما يتبعها, فالذي يضامّ الواو في المعية اسم منصوب, والذي يضام الواو في المصاحبة مضارع منصوب, ومن هذا يتضح أن نصب المضارع بعد الواو على المعية من نوع نصب المفعول معه بعد الواو ذاتها.
والظرفية قرينة معنوية على إرادة معنى المفعول فيه, فلقد سبق أن ذكرنا أن الظروف في اللغة العربية قسم من أقسام الكلم قائم بذاته, وأن بعض ما ينتمي إلى الأقسام الأخرى من الكلم ينقل إلى معنى الظرف فيستعمل كما يستعمل الظرف مفعولًا فيه, ويسمَّى معظمه متصرفًا, وذلك كالمصدر وصيغتي الزمان والمكان, وبعض حروف الجر كمذ ومنذ, وبعض الضمائر الإشارية كهنا وثَمَّ, وبعض المبهمات مثل كم, والأعداد والجهات, وأسماء الأوقات المبهمة, وأسماء العلاقات المفتقرة إلى الإضافة كقبل وبعد وتحت