للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الظروف الدالة على الاقتران يبقى لها معناها عند استعمالها أدوات شرط, وتتحول عن هذا المعنى إلى معنى الاحتواء عند استعمالها أدوات استفهام, وأما حرف الجر "في" فهو أصل معنى الاحتواء, وتكون ظروف الاحتواء بمعناه, وهو هنا شاع في تحديد معنى الظرف أنه بمعنى "في".

وأما التحديد والتوكيد فهي القرينة المعنوية الدالة على المفعول المطلق, والمقصود بالتحديد والتوكيد: تعزيز المعنى الذي يفيده الحدث في الفعل, وذلك بإيراد المصدر المشترك مع الفعل في مادته؛ لأن المصدر هو اسم الحدث, ففي إيراده بعد الفعل تعزيز لعنصر الحدث ومعنى الفعل, وتكون التقوية بواسطة ذكره مفردًا منونًا على سبيل التأكيد, أو مضافًا لمعين لإفادة النوع, أو موصوفًا لإفادة النوع أيضًا, أو مميزًا لعدد فيكون العدد نفسه مفعولًا مطلقًا, والمصدر تمييزًا وقد يكون المصدر اسم مرة, أو مثنى اسم المرة فيفيد العدد أيضًا. والذي يهمنا من كل ذلك هو أن التقوية بالتأكيد أو التحديد قرينة معنوية على معنى المفعول المطلق, أما كونه يلزم فيه أن يكون بواسطة صيغة المصدر فذلك قرينة لفظية سنشير إليها فيما بعد إن شاء الله.

وأما الملابسة للهيئات فهي قرينة معنوية على إفادة معنى "الحال" بواسطة الاسم المنصوب أو الجملة مع الواو وبدونها. فإذا قلت: "جاء زيد راكبًا", فالمعنى جاء زيد ملابسًا لحال الركوب, وكذلك إذا قلت: جاء زيد وهو يركب, فالحال هنا عبَّر عنها بالجملة والواو -وتسمَّى هذه الواو واو الحال وواو الابتداء- وقدَّرها سيبويه والأقدمون بإذ, ولا يريدون أنها بمعناها إذ لا يرادف الحرف الاسم, بل إنها وما بعدها قيد للعامل السابق١", وعلى هذا الاقتباس من شرح الأشموني ملاحظات:

١- إن تقدير سيبويه والأقدمين لهذه الواو المعبِّرة عن الملابسة "بإذ" يبرر ما رأيته منذ قليل أن معنى ظرفية الظرف أقرب إلى الاقتران، ومعنى ظرفية الحرف أقرب إلى الاحتواء.


١ شرح الأشموني ص٢٥٨ تحقيق محيي الدين.

<<  <   >  >>