بهذا نرى أن الزمن وظيفة في السياق لا ترتبط بصيغة معينة دائمًا, وإنما تختار الصيغة التي تتوافر لها الضمائم والقرائن التي تعين على تحميلها معنى الزمن المعين المراد في السياق, فلا يهم إن كان الزمن الماضي آتيًا من صيغة "فعل" أو صيغة "يفعل" ما دام يمكن بالتفريق بالضمائم والقرائن بين الأزمنة المختلفة أن نختار من بين الصيغتين أصلحهما للدلالة على المعنى الزمني المراد في سياق بعينه. وهكذا نرى أن الجملة الخبرية المثبتة والمؤكَّدة لا فرق فيها بين دلالة الصيغة على الزمن في نظام الصرف وبين هذه الدلالة في السياق, ولعل هذا هو ما غرَّر بالنحاة فلم يعنوا برصد الفروق الزمنية الدقيقة إلّا في أضيق الحدود. أما في الجملة الخبرية المنفية فقد رأينا أن أكثر ما يكون نفي الماضي إنما يكون إلى أدوات النفي مع أنّ الأداة لا يمكن أن تفيد زمنًا, وإنما يمكنها أن تفيد "الجهة" وهي تفيدها فعلًا في حالة الجملة المنفية.
وبعد الفراغ من الكلام في الجمل الخبرية الثلاث أحب أن ألقي نظرة على جمل الإنشاء, وأن أبدأ منها بالجملة الاستفهامية, ولعل الجملة الاستفهامية هي الوحيدة بين الجمل الإنشائية التي تتوافق فيها دلالة الصيغة صرفيًّا ونحويًّا على طول الخط, فيدل فيها "فعل" على الماضي, ويدل "يفعل" على الحال أو الاستقبال بحسب الضمائم والقرائن على نحو ما يبدو في الاستفهام في حيز الإثبات فيما يلي: