القرآن, وهو الشكل العربي الوحيد للفصحى الذي يشتمل على عنصر التواتر المتعمد. ومن أمثلة هذه الحلول لمشكلات تطبيق النبر ما يأتي:
١- ذكرنا في الكلام عن ظاهرة "التوصّل" أن الكلمة المبدوءة بالساكن إذا وقعت في بداية الكلام توصّل المتكلم إلى الساكن الذي في أولها بواسطة همزة الوصل, وفي هذه الحالة تتغيّر بنية المقطع الأقصر وهو الحرف الساكن الذي بدأت به الكلمة وكان على صورة "ص", وتصبح مقطعًا متوسطًا مقفلًا على صورة "ص ح ص", فالصاد الأولى هي همزة الوصل, والحاء حركتها, والصاد الثانية هي الساكن الذي توصلنا إلى النطق به والذي كان بمفرده مقطعًا مستقلًّا بحسب القاعدة التي في نظام اللغة. والمقطع على صورته الأخيرة "ص ح ص" مقطع كلامي لا لغوي.
فإذا جاءت الكلمة وسطًا في الكلام تطلبت حلًّا من طراز آخر, فإذا كان لدينا كلمة "المؤلف" فإنها تبدأ بالهمزة في بداية الكلام في نحو قولك: "المؤلف يقول", وهنا يكون أول مقطع كلامي منها مكونًا من الهمزة والحركة واللام "ص ح ص", ولكن هذه الكلمة في وسط الكلام تختلف عن ذلك. فإذا نظرنا إلى الفعل الماضي "قال" مبنيًّا على الفتح وجدناه مكونا من مقطعين أحدهما "قا" وهو يساوي "ص م" والثاني "ل" وهو يساوي "ص ح", فإذا وضعنا كلمتي:"قال" و"المؤلف" معًا تغيَّرت البنية المقطعية في كلٍّ منهما بحسب مطالب السياق, ويصبح التركيب المقطعي الكلامي مخالفًا للتركيب المقطعي اللغوي الذي شرحناه, وتكون الصورة الكلامية للمقاطع في الكلمتين هي:
قا+ لل + م + ؤل + لف
والمقطع الثاني هنا هو موضع الظاهرة الموقعية حيث امتد المقطع الكلامي من نهاية كلمة سابقة إلى بداية كلمة لاحقة وحلَّ محل مقطعين من مقاطع نظام اللغة هما لَ، لْ", أي: المقطع الأخير من "قال" والأول من "المؤلف".