أ- أن سيبويه لم يكن يعرف وظيفة الأوتار الصوتية في الجهر والهمس, بل لم يكن يعرف حتى تركيب الحنجرة بدليل تسميته إياها أقصى الحلق, واعتباره إياها جزءًا قصيًّا من الحلق.
ب- أنه رأى الجهر نتيجة لتقوية الضغط, كما رأى الهمس نتيجة لإضعافه.
جـ- أن سيبويه مع أحساسه بهذا الضغط "الاعتماد", لم يكن يعرف مصدره ولا طريقته, ومن ثَمَّ يكون الربط بين هذا وبين الحجاب الحاجز تفسيرنا نحن للظاهرة, وليس تفسير سيويه.
د- أن الجهر مظهره "الصوت", وأن الهمس مظهر النفس.
فإذا أعدنا تعبير سيبويه مشروحًا على طريقة شراح المتون, أو معبَّرًا عنه بعبارتنا نحن, التي تستعمل مصطلحات حديثة بدت عبارة سيبويه السابقة على النحو التالي.
"فالمجهور صوت شدد الضغط في الحجاب الحاجز معه, ولم يسمح للهواء المهموس أن يجري معه حتى ينتهي الضغط عليه, ولكن يجري الصوت أثناء نطقه, فهذه حال الأصوات المجهورة في الحلق والفم إلّا النون والميم, فقد يتمّ الاعتماد فيهما على مخرجهما في الفم والخياشيم, فتصير فيهما غنة أي: أثر صوتي أنفي مجهور. وأما المهموس فهو صوت أضعف الضغط في موضع الضغط أثناء نطقه حتى جرى الهواء المهموس معه, وأنت تعرف ذلك إذا اعتبرت فرددت الصوت بنطقه مع جري النفس, فإنك لا تسمع له جهرًا".
وهكذا يختلف فهم سيبويه للجهر والهمس عن فهم المحدثين.
ثم يقول سيبويه في معرض الكلام عن الإطباق والانفتاح: "ومنها المطبقة والمنفتحة, فأمّا المطبقة فالصاد والضاد والطاء والظاء, والمنفتحة كلّ ما سوى ذلك من الحروف؛ لأنك لا تطبق لشيء منهنّ لسانك من مواضعهن إلى ما حاذى الحنك الأعلى من اللسان ترفعه إلى الحنك, فإذا وضعت لسانك فالصوت محصور فيما بين اللسان والحنك إلى موضع الحرف".
ثم يقول: "فهذه الأربعة لها موضعان من اللسان".