ينطق فيكون نتيجة تحريك أعضاء الجهاز النطقي وما يصاحب هذا التحريك من آثار سمعية, ولكن الحرف لا ينطق, وإنما يفهم في إطار نظام من الحروف يسمَّى النظام الصوتي للغة.
ومثل الأصوات والحروف في علاقة كلٍّ منهما بالآخر مثل الطلاب والصفوف, فالطالب حقيقة مادية والصف وحدة تقسيمية. وكما أنني أستطيع أن أنطق الصوت وأحرك به لساني, أستطيع أن أصافح الطالب وأحرك بمصافحته يدي, وكما أنني لا يمكن أن أمد يدي فأصافح صفًّا من الصفوف التي يتكون منها معهد من المعاهد, لا أستطيع أن أنطق حرفًا من الحروف التي يتكوّن منها نظام صوتي ما, ولكنني أصافح الطالب الواحد من طلاب الصفِّ, وأنطق الصوت المعين من أصوات الحرف؛ لأن الحرف عنوان على عدد من الأصوات, والصف مثله عنوان على عدد من الطلبة, أي: إن الصوت والطالب حقيقتان ماديتان, والحرف والصف قسمان من نظام يضم غيرهما من الأقسام, والقسم في الحالتين وحدة ذهنية لا حقيقة مادية, وهذه الفكرة الذهنية تضم تحتها مجموعة من الحقائق, فالصف يضم خالدًا أو عمرًا وبكرًا وزيدًا, والحرف يضم عددًا من العمليات النطقية تربط آحاده علاقة ما. وكما أن الصف يسمَّى باسم معين كالصف الأول أو الثاني أو الثالث, يسمَّى الحرف باسم معين كالألف أو الباء أو الجيم. وآخر الفروق بين الصوت والحرف, أن الصوت جزء من تحليل الكلام, وأن الحرف جزء من تحليل اللغة, وقد سبق لنا أن فرقنا بين الكلام واللغة.
وبعد أن عرفنا الفرق بين الصوت والحرف ينبغي لنا أن ننظر في الطريقة التي يمكن بها أن نكشف عن النظام الصوتي للغة ما بواسطة استخدام القيم الخلافية التي تتمايز بها وظائف الأصوات في الكلمات, وينبغي هنا أن نذكر أن هذه أول خطوة نرفع بها الأصوات المنطوقة إلى مستوى التجريد اللغوي