إلى الباء في "طاب" وجدنا أنها تدل على معنى معين هو صلاحيتها للحلول محل عدد من الحروف الأخرى, وقد عددنا منها "اللام", ونضيف هنا الراء في "طار", والفاء في "طاف", والشين في "طاش", كما أن الطاء تدل على معنًى معين هو أنها مقابل استبدالي للتاء في "تاب", والثاء في "ثاب", والخاء في "خاب", والذال في "ذاب", والراء في "راب", والسين في "ساب", والشين في "شاب", والعين في "عاب", والغين في "غاب", والنون في "ناب", والهاء في "هاب", فمعناها أنها صالحة للحلول محل أي واحد من هذه الحروف جميعًا, وهذه البضعة من المعنى التي تنسب إلى الحرف بضعة سلبية, فمعنى الطاء في طاب أنها ليست تاء ولا ثاء ولا خاء ولا ذالًا إلخ.
ومثل "الاستبدال" في تغيير معنى الكلمة, وإثبات قدرة الحرف على حمل جرثومة المعنى مثل عمليتي "الإضافة" و"الاستخراج", فإذا أضفنا الميم في أول كلمة "قاعد" تغيّر المعنى وأصبحت الكلمة "مقاعد", وأصبح للميم معنى من حيث إنها جلبت إلى الكلمة معنى جديدًا. فإذا "استخرجنا" الميم من كلمة "مقاعد" تغيّر المعنى بسبب استخراجها من جمع مقعدًا إلى اسم الفاعل من قعد, وبهذا يمكن أن تدعى أن كل حرف من حروف الكلمة يحمل جرثومة من المعنى من جهتين؛ الأولى: إيجابية, هي دلالة صوته على بيئته من الكلمة, والثانية: سلبية, هي كونه مقابلًا استبداليًّا لعدد من الحروف الأخرى وهي الأهم.
والعلاقة بين المقابلات الاستبدالية بعضها وبعض, كالعلاقة بين القيم الخلافية بعضها وبعض من حيث كون المعنى المقصود هو المقابلة السلبية هنا وهناك, وعلينا الآن أن نشرح دور القيم الخلافية في خلق نظام صوتي للغة, ولقد سبق أن تحدثنا بالتفصيل عن قيمتين خلافيتين هما: الصحة والعلة, من حيث تقف كلّ منهما في مقابل الأخرى, وينتج عن تقابلهما قسط من المعنى؛ فمعنى الحرف الصحيح غير حرف العلة, وقد سبق أن شرحنا ذلك, وسمعنا المعاني الوظيفية للصحاح ووظائف الصحاح, والمعاني الوظيفية للعلل ووظائف العلل. وسبق أيضًا أن قلنا: إن كل لغة من اللغات تتخذ لنفسها طائفة من المخارج