وإذا نظرنا في هذ المباني الصرفية وجدنا أنّ من بينها ما يعبر عن معاني التقسيم كصيغة الاسم إذ تعبر عن الاسمية, وصيغة الفعل إذ تعبر عن الفعلية, وكصورة الضمير التي تعبر عن معنى الإضمار, وهذه الطائفة من المباني التي تعبر عن معان تقسيمية هي حجر الزاوية في النظام الصرفي للغة العربية الفصحى, وهذه المباني أبواب الكلم, وقد سماها النحاة: أقسام الكلام أو ما يتألف منه الكلام, فإذا تصورنا النظام الصرفي في صورة جدول تتشابك فيه العلاقات والمقابلات, فإن هذه النوع من المباني سيمثل البعد الرأسي لهذا الجدول, أما المباني التصريفية, أي: المباني التي يتم التصريف على أساسها كالمتكلم وفرعيه, والمفرد وفرعيه, وكالمذكر والمؤنث, والمعرفة والنكرة, فهي التي تمثّل البعد الأفقي لجدول النظام الصرفي.
وهذه المباني التصريفية هي المسئولة عن التفريع الذي يتم داخل المباني التقسيمية, كأن ننظر إلى الأنواع المختلفة لتصريفات الاسم, ولإسنادات الفعل, ولفصل الضمائر ووصلها, وذكرها وحذفها واستتارها, وهلم جرا مما لا يمكن ضبطه إلّا بواسطة مباني التصريف. ولهذا كانت مباني التصريف هي المسرح الأكبر للقيم الخلافية بين الصيغ المختلفة التي تعتبر فروعًا على مباني التقسيم, بهذا يمكن أن نضع الصورة على النحو التالي:
١- مباني التقسيم: وتندرج تحتها الصيغ الصرفية المختلفة التي ينصبّ في قالبها كل قسم من أقسام الكلم, فكل الصيغ الصرفية التي للأسماء بأنواعها والصفات والأفعال, تندرج تحت مباني التقسيم, وتكون فروعًا على هذه الأقسام, وتشبهها في ذلك صور الضمائر والإشارات والموصولات والظروف والخوالف والأدوات حين ننظر إلى هذه الصور على إطلاقها. ومعنى ذلك أن معاني الصيغ كالمطاوعة والطلب والصيرورة والتفضيل والمبالغة التي نراها في انفعل