للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآخر، إلا أن ذلك يخلف في حقيقته، وأساسه وجوهره ما في القوانين الوضعية -إذ أن أساس التفرقة في التشريع الإسلامي، هو ما يعتقد من العقائد الدينية بالنسبة لكل شخص، وليست التفرقة ناتجة عن وضع طبقي أو جاه، أو سلطان.

ومع كل ما سبق بيانه، فقد تبقى بعض الشبه يمكن لمن ولعوا بها أن يثيروها، ويتمثل فيما جاء من خلاف بين أقوال بعض الفقهاء بالنسبة لبعض القضايا الآتية:

١- يرى الإمام أبو حنيفة أن من شروط الإحسان في جريمة الزنا، الإسلام وعلى هذا فلا يعد الذمي محصنًا عنده، ولا تلزمه عقوبة الرجم إذا زنى، وإنما عقوبة الذمي على ارتكابه جريمة الزنا هي دائمًا الجلد.

بينما ذهب جمهور فقهاء المسلمين إلى أن الإسلام ليس شرطًا من شروط الإحصان، وعلى هذا فمن الذمي يلزمه ما يلزم المسلم من عقوبة على جريمة الزنا، سواء أكانت العقوبة جلدا أم رجما١.

٢- يرى الإمام أبو حنيفة القصاص من المسلم إذا قتل ذميًا، تمسكًا منه بعموم النص.

بينما يرى غيره عدم جواز القصاص من المسلم إذا قتل ذميًا، وأن يكون سلوكه هذا مكونا جريمة في قانون بلده "جناية، أو جنحه في تمسكا من هؤلاء بما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من أنه لا يقتل مسلم بكافر٢، إذ أنهم قد فسروا الكافر بأنه غير المسلم.

بينما فسر الإمام أبو حنيفة الكافر بأنه من لا عهد له.

وأخلاف في ذلك، وما ماثله خلاف في تفسير النص وفهمه.

وتفسير النص وفهمه أمر من أمور الإجتهاد المشروع الذي لم يختلف أحد على إباحته من فقهاء أهل السنة؛ لأنه يفتح باب شحذ الذهن، وتحري الدقة في استنباط الحكم، وذلك كل مبعث رحمة وهداية٣.


١ بدائع الصنائع للكاساني ج٧ ص٣٨.
البحر الرائق لابن نجيم ج٥ ص١١ ط دار المعرفة بيروت.
الإقناع ج٥ ص٨ الثالثة.
٢ صحيح البخاري كتاب الديات باب لا يقتل مسلم بالكافر ج٩ ط دار الشعب.
٣ أستاذي الدكتور سلام مدكور تاريخ التشريع الإسلامي ص٤٨.

<<  <   >  >>