بدأت هذا المبحث مستعيًا بالله سبحانه وتعالى مستلهما منه الهدى، والرشاد طلبًا منه التوفيق والسداد:{وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} ، وفي خاتمة هذا البحث أحب أن أبرز بعض الحقائق الموضوعية، المتمثلة فيما وفقني الله سبحانه وتعالى إلى الوصول إليه من نتائج.
١- امتازت الشريعة الإسلامية من غيرها في كل مناحي التشريع، ومثالًا لذلك ما امتازت به تشريعاتها في مجال التجريم، والعقاب من سمو يتمثل في رعاية الإنسان، وما تستقيم به حياته من أمور ضرورية، وحاجية وتحسينية.
ففي مبادئ التشريع الإسلامي -العامة والخاصة- في المجال الجنائي كل الحلول القادرة، والحاسمة في مواجهة أي سلوك انحرافي أيا كان سبه ومبعثه، يتتبعه في كل مراحله، ونواحيه حتى يستأصله من النفس، ويصل بها إلى أن تكون نفسا، تراقب خالقها في كل شيء، حتى فيما يخالجها ويدور بخلدها.
إلى هذا الحد الذي لم ولن يصل إليه أي تشريع جنائي آخر من هذه التشريعات، التي وضعها البشر، وصاغها بكل ألوانها المختلفة المصطبغ منها بالقسوة، والعنف أو المتسم منها باللين والرقة، المنحازة إلى جانب الدولة والمجتمع، أو المراعية حق الفرد ورغباته المطلقة عنان الحرية الفردية.
فالتشريع الإسلامي قد بذ ذلك كله، وسما عليه سمو من وضعه، وشرعه على من وضع هذه التقنيات الوضعية وشرعها.
٢- وعلى سبيل المثال أشير إلى ما تميز به التشريعات الجنائية الإسلامية.