للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- وطء الميتة:

ويراد به مواقة رجل امرأة أجنبية ميتة، وللفقهاء في إيجاب الحد بذلك.

رأيان:

الأول:

يجب الحد على ما فعل ذلك؛ لأنه أولج في فرج محرم لا شبهة له فيه، ولا فرق بين أن يكون الإيلاج في فرج امرأة حية، أو ميتة.

الثاني:

لا يجب الحد بهذا الفعل؛ لأن وطء الميتة لا يترتب عليه ما يترتب على وطء الأحياء -ولأن عضوها لا حياة فيه، فإنها لا تشتهي، وتعافه النفس، ويؤيد القائلون بهذا الرأي أن الانزجار يتحقق بما عليه الميتة من حال لا بالعقوبة الحدية.

جاء هذان الرأيان فيما ذكره ابن قدامة: من أن وطئ ميتة، ففيه وجهان أحدهما: عليه الحد وهو قول الأوزاعي؛ لأنه وطئ في فرج آدمية، فأشبهه وطء الحية؛ ولأنه أعظم ذنبًا وأكثر إثمًا؛ لأنه انضم إلى فاحشة هتك حرمة الميتة. الثاني لا حد عليه، وهو قول الحسن.

قال أبو بكر: وبهذا أقول؛ لأن الوطء في الميتة كلا وطء؛ لأنه عضو مستهلك؛ ولأنها لا يشتهي مثلها وتعافها النفس، فلا حاجة إلى شرع الزجر عنها، والحد إنما وجب زجرًا"١.

وجاء الرأيان أيضًا عند فقهاء الشافيعة، فقد ذكر الشيرازي: "أن من وطئ امرأة ميتة، وهو من أهل الحد، ففيه وجهان:

أحدهما أنه يجب عليه الحد؛ لأنه إيلاج في فرج محرم، ولا شبهة فيه فأشبه إذا كانت حية.

والثاني: أنه لا يجب؛ لأنه لا يقصد فلا يجب فيه الحد"٢.

وذهب فقهاء الأحناف إلى أنه لا حد في وطء الميتة؛ لأنه لا يعتبر عندهم زنا٣، أما فقهاء المالكية قد أوجبوا الحد في ذلك، نظرًا؛ لأنه زنا، فيقول الخرشي عند حديثه عن الزنا الموجب للحد:


١ المغني ج٨ ص١٨١.
٢ المهذب ج٢ ص٢٦٩.
٣ فتح القدير ج٥ ص٢٤٧.

<<  <   >  >>