المطلب الثاني: سرقات اختلف في وجوب الحد بها؛ لقيام شبهة في الركن الشرعي
مما سبق من تعاريف الفقهاء لسرقة يبين ما وضعه الفقهاء من شروط لاعتبار الفعل سرقة، وتتمثل هذه الشروط بصفة عامة في الأخذ خفية، وأن يكون الشيء المأخوذ محرزًا، متمولًا، مملوكا للغير، تصل قيمته حد النصاب أو تزيد، وأن يكون المسروق، مما لا يتسارع إليه التلف، وأن لا يكون للسارق تأويل ولا شبهة.
فمن قام بالفعل المادي للسرقة، واستوفى فعله هذه الشروط، واكتملت أركانه عوقب على فعله هذا بالعقوبة الحدية.
أما من وقع منه هذا الفعل المادي مع وجود شبهة من الشبهات، التي تلحق الركن الشرعي بجريمة السرقة، فإن عقوبتها الحدية تندرئ عنه، ولا يلزم بها، سواء تترتب على ذلك إعفاؤه من جنس العقوبة، أو إعفاؤه من العقوبة الحدية فقط، وإلزامه بعقوبة تعزيرية تناسب ما وقع منه من سلوك.
وسأذكر فيما يلي بعض الوقائع، التي اكتمل فيها الركن المادي لجريمة السرقة غير أن العقوبة الحدية المترتبة على ذلك، قد لا تلحق الجاني نظرًا قيام شبهة من الشبهات التي تحلق الركن الشرعي للجريمة.
سواء أكانت هذه الشبهة من الشبهات التي يعتد بها من يعمل قاعدة درء الحدود بالشبهات، أم كانت هذه الشبهة من الشبهات التي يعتد بها البعض، ويعملها دون بقية الفقهاء.