للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذ إن القانونيين يطلقون السرقة على اختلاس المنقول المملوك للغير، ويدخل ضمن ذلك كله استيلاء على مال الغير من غير رضاه؛ لأن فعل الاختلاس يتوافر إذا قام الجاني بحركة مادية، ينقل بها الشيء إلى حيازته، أيا كانت طريقته في ذلك: بالنزع أو السلب، أو الخطف، أو النقل، وما إليها.

وكل ما يشترطه القانونيين هو أن يكون الاستيلاء على الشيء، قد تم بفعل الجاني، وليس من الضروري عندهم أن يكون الاستيلاء بيد الفاعل، فيعد سارقًا كل من قرب حيوانًا، واستخدمه في الاستيلاء على شيء، ونقله إلى مدربه ويكفي لكي يعد الشخص سارقًا أن يهيئ أسباب انتقال الحيازة إليه، كمن يحول مجرى مياه الغير إلى أرضه، حتى تنحدر إليها عند وردها١، وكل ما عده القانونيون لا يخرج عن مفهوم السرقة المعاقب عليها، عند فقهاء الشريعة بالمعنى العام للعقوبة، وإن كان بعضه فقط، هو الذي ينطوي تحت مفهوم السرقة الحدية المعاقب عليها بالعقوبة المقدرة من لدن الشارع الحكيم.

ولا غرو في هذا إذ أن العقوبات كلها التي وضعها فقهاء القانون، ما هي إلا من باب العقوبات التعزيرية عند فقهاء الشريعة، وإن اختلفتا من بعض الوجوه.

والحديث عن جريمة السرقة الصغرى، والشبهات التي تعتريها يتناول أنواعًا من السرقة التي لا يجب الحد بها؛ لقيام شبهة في الركن الشرعي للجريمة.

وهذا ما سيتضمنه المطلب الثاني من هذا المبحث.


١ شرح قانون العقوبات القسم الخاص أ. د: محمود مصطفى ص٤٤١-٤٤٢.
شرح قانون العقوبات القاسم الخاص. أ. د: أحمد الألفي ص٢٦٨-٢٦٩.

<<  <   >  >>