للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انعدمت كما إذا أصاب المقذوف من صوب إليه إصابة يسيرة، وفي أثناء ذلك حدثت غارة جوية، فمات من صوب إليه المقذوف بسبب حدوث الغارة الجوية، وليس بسبب الإصابة اليسيرة الناتجة عن المقذوف.

ففي كلتا الحالتين توافر الفعل الجاني كل عناصر الجريمة التامة، غير أنه لم يحقق الأثر الذي أراده الجاني، ولا علاقة للمقذوف بما وقع من نتيجة لذا، فإن فعل الجاني هنا يعد شروعًا، ويعاقب عليه بعقوبة الشروع، وليس بعقوبة الجريمة الكاملة، فإذا كان عدم اكتمال الجريمة راجعًا إلى إرادة الفاعل نتيجة عدولة الاختياري عن إتمامها، ومحاولته تجنب النتيجة التي كان يبغي تحقيقها بحيث لم تتم هذه النتيجة، فإن الشروع ينعدم حينئذ، وترغيبًا في العدول الاختياري، والحث عليه يرى فقهاء القانون عدم المعاقبة، حنيئذ عما تم قبل هذا العدول الاختياري، وهذا أسلوب من أساليب السياسة الجنائية، يهدف إلى مكافحة الجريمة.

ويعتبر العدول اختياريًا إذا كان نابغا من داخل الجاني نفسه، كأن راجع نفسه، أو أشفق على المجني عليه، أو خاف أن يلحقه عار أو عقاب.

هذا ما قاله فقهاء القانون١.

أما فقهاء الشريعة، فإنهم لم ينظروا لما سبق على أساس أنه جريمة ناقصة، فلم يسموه شروعًا، وإنما عالجوه على أساس أنه جريمة لها عقابها الخاص بها، سواء أكان عقابًا محددًا من قبل المشرع، أم من قبل ولي الأمر٢.

وقد يظن أن فقهاء الشريعة لم يعرفوا الشروع الذي تحدث عنه


١ المراجع السابقة.
٢ الأحكام السلطانية للماوردي ص٢٠٦، ٢٠٧ ط مطبعة السعادة التشريع الجنائي للأستاذ عبد القادر عودة ج١ ص ٣٤٥ط دار التراث. الجريمة للشيخ أبو زهرة ص٣٩٣.

<<  <   >  >>