للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا كان حاضرًا وقوع الجريمة، وفي وضع من ينفذها ما لم ينفذها الفاعل الأصلي١.

ويبين مما سبق أن الفقه الوضعي يعاقب من ساهم في جناية، إما بعقوبة الفاعل الأصلي، أو بعقوبة أشد منها، أو بعقوبة أقل، ومعاقبة الشريك بعقوبة مساوية لعقوبة الفاعل الأصلي، أو أقل منها لا تخرج عما رآه فقهاء الشريعة من حيث مقدار العقوبة مع اختلاف في التفصيل بالنسبة للشريك، أما معاقبة الشريك بعقوبة أشد من عقوبة الفاعل الأصلي، فهي التي تحتاج إلى وقفة، إذ هي حالة غير واردة بالنسبة لجرائم القتل.

ومما هو معلوم أن كل عقوبات الفقه الوضعي -غير عقوبة الإعدام- عقوبات تعزيرية، يد المشرع في اختيارها حرة، كما أن للقاضي حرية اختيار أحد حدي العقوبة المقررة للجريمة أو ما بينهما، طبقًا لما يراه مناسبا للحالة التي يحكم فيها.

والقاضي حين يحكم على من قام بالمساهمة بعقوبة أشد بما حكم بها على الفاعل الأصلي، فإنه يراعى ما وقع فيه المساهم من خروج عما يمليه عليه واجب العمل المكلف به بالإضافة إلى المُساهمة في الجريمة التي ارتكبها الفاعل الأصلي.

أما بالنسبة لما ذهب إليه فقهاء الشريعة الإسلامية من تسوية بين عقوبة من أسهم في قتل إنسان، وبين عقوبة الفاعل الأصلي، أو عدم التسوية بين عقوبة كل منهما، فإن المقياس الذي أراه مناسبًا لاعتبار كل منهما فاعلًا أصليًا يجب معاقبته بعقوبة مساوية لعقوبة من


١ النرديري: الشرح الكبير ج٤ ص٢١٦، ٢١٨.
الشيرازي: المهذب ج٢ ص١٨٩ ابن قدامه المغني ج٩ ص١٣١.

<<  <   >  >>