للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} ١. هذا هو الأصل، وإن كانت الشريعة قد عاقبت على الخطأ في بعض الجرائم استثناء من هذا الأصل، كما هو الحال في عقابها على جرائم القتل الخطأ لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} ٢.

هذه بعض الجوانب المتعلقة بالجريمة فيما يتصل بموضوع البحث، حاولت فيها إلقاء الضوء على ما لفقهاء الشريعة الإسلامية من وجهات نظر في كل ما عرضت من موضوعات، مقارنا ذلك بما ذهب إليه فقهاء القانون الوضعي.

وقد ظهر واضحا في كل ذلك مدى سمو نظرة الشريعة الإسلامية، وأصالتها وشمولها، سمو من شرعها على غيره ممن خلق، وصدق الله العظيم: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} .


١ الآية: ٥ من سورة الأحزاب، والتي يتضح منها أنه لا يعاقب على الجرائم العمدية إلا من قام بها متعمدا إتيانها أما من وقعت منه هذه الجرائم العمدية بطريق الخطأ، فإنه لا يعاقب عليها بعقوبتها الموضوعة لمن أتاها عمدا.
كما أن من وقعت منه الجريمة العمدية، وهو مكره على إثباتها إكراها يعتد به فإنه أيضا لا يلزم بعقوبتها، كما روي من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه"، وما روي من أن رقيقا وقع على وليدة، فاستكرهها حتى اقتضها، فجلده عمر ونفاه ولم يجلد الوليدة؛ لأنها استكرهت"، سنن ابن ماجه ج١ ص٦٥٩ ط الحلبي، صحيح البخاري ج٩ ص٢٧ ط دار الشعب.
٢ من الآية ٩٢ من سورة النساء.

<<  <   >  >>