للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عندما يعامل معاملة الكافر الحربي من حيث إهدار الدم، وكما أنه لا يسمى قتل الكافر الحربي حدًا.

كما أن من قيد الحد يذكر قيد "حق الله"، جعل منه حد البغي الذي هو عقوبة مقدرة حقًا لله تلزم كل من خرج على الإمام، بشروطها كما أخرج عقوبة القصاص من الحدود؛ لأنها وإن كانت عقوبة مقدرة شرعًا، إلا أنها حق للعبد يمكنه التنازل عنه وإسقاطه، حتى بعد الحكم بها على الجاني١.

وما كان كذلك من العقوبات، فإنه يكون قد خرج عن النطاق الذي رسمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للعقوبات الحدية، إذ العقوبات الحدية لا يجوز إسقاطها، أو الشفاعة فيها، إذا وجبت وألزم الجاني بها.

فالرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أنكر شفاعة من جاء يشفع في حد من حدود الله تعالى، وقال: -صلى الله عليه وسلم: "فما بلغني من حد، فقد وجب" ٢.

لهذا كله، فسأقصر حديثي على العقوبات الحدية التي تلزم الجاني، ولا تسقط عنه، طالما ارتكب حدها، وألزمه القاضي بها.


١ كشاف القناع ج٦، ص٧٧ وما بعدها، بدائع الصنائع ج٧، ص٣٣، البحر الرائق ج٥، ص٢٧-٣١ المبسوط ج٩، ص١٣٣.
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج٤، ص٢٩٨-٣٠٠.
٢ شرح فتح الباري على صحيح البخاري ج١٢، ص٧٨.

<<  <   >  >>