للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى العقوبة الأصلية، لما يخشى عليها في غربتها من التردي في مثل ما ارتكبت١.

أما فقهاء الأحناف، فإنهم قد ذهبوا إلى أن التغريب غير واجب، وأن عقوبة الزاني غير المحصن هي الجلد فقط، ويمكن للإمام أن يحكم بتغريب الزاني غير المحصن إذا رأى في تغريبه مصلحة، بالقدر الذي يراه مناسبًا، على سبيل العقوبة التعزيرية٢.

هذا ما ذهب إليه الفقهاء بالنسبة لعقوبة التغريب.

وما أميل إليه، وأرجحه هو ما قال به فقهاء الأحناف.

غير أنني أرى أن يحبس الجاني بدلًا من التغريب، وعلى الأخص في مثل ما نحن فيه الآن؛ لأن التغريب لن يؤدي إلى الهدف المرجو منه، بل قد يكون باعثًا على الفساد للانحراف؛ لأن المغرب سيجد نفسه في مكان لا يعرفه أحد فيه، وقد يدعوه ذلك للتمادي في مسلكه الذي غرب بسببه، وحينئذ يصبح تغريبه مفسدة له، ووبالًا على المجتمع.

كما أرى أن الحبس بدلًا من التغريب لا يقتصر على الذكور فقط، وإنما يطبق أيضًا على النساء غير المحصنات إذا ارتكبن جريمة الزنا.

مع ملاحظة أن يكون حبسهن في أماكن خاصة بهن.


١ الخرشي ج٨، ص٨٢-٨٣ط، دار المعرفة ببيروت.
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج٤، ص٣٢١، ٣٢٢.
٢ شرح فتح القدير ج٥، ص٢٤١-٢٤٤ط، مصطفى الحلبي، المبسوط للسرخسي ج٩، ص٤٤-٤٥.
تفسير القرطبي ص١٦٥٧، ١٦٥٩ط، دار الشعب.

<<  <   >  >>