للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا يقول لمن ظهر منه الجود مرة أنه جواد، ولا من وقع منه الكذب مرة أنه كذاب، ولا للفاسق الذي لا يقول الحق، أو المنافق الذي يخفي لمن يتكرر منه فعلها حتى تكون اسمًا له، وعنوانًا يعرف به.

وقد عضد هؤلاء رأيهم بأن الله سبحانه وتعالى، قد ذكر عقب آية السرقة قوله تعالى: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ١، وذكر التوبة الظلم ممن سرق لا يكون له محل في الظاهر، إلا إذا كان العقاب أن وقع، لذا فإن بعض الباحثين يرى أن التوبة تمنع القطع إذا وقعت قبله.

ويعقب الشيخ أبو زهرة على هذا بقوله: وظاهر الآية يقرب من تفكيرهم.

والتوبة النصوح لا تكون في الغالب ممن يتكرر منه الفعل، بل إنها تكون لمن يرتكب الفعل بجهالة٢.

كما أورد ابن حزم ما استدل بمن يقول بعد القطع في السرقة الأولى من أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أتى بعبد قد سرق، فقيل: يا رسول الله هذا عبد سرق، وأخذت معه سرقته، وقامت البينة عليه.

فقال رجل: يا رسول الله هذا عبد بني فلان، أيتام، وليس لهم مال غيره فتركه، قال: ثم أتي به الثانية سارقًا، ثم الثالثة، ثم الرابعة


١ الآية ٣٩ من سورة المائدة.
٢ أحكام القرآن لأبي بكر الرازي ج٢ ص٤١٦ط استامبول العقوبة للشيخ أبو زهرة ص١٤٧.

<<  <   >  >>