للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالسنة الصحيحة، والآثار الثابتة بالإضافة إلى الآية الكريمة، فقد جاءت كلها بقطع الأيدي، ولم يأت فيها للرجل ذكر، وقد قال الله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} ١.

يقول ابن حزم: قد بينا أنه لم يصح عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في قطع رجل السارق شيء أصلًا، ولو صح لقنا به وما تعديناه.

ورد ابن حزم على ما روي عن أقوال تفيد غير ما ذهب إليه بأن هذه الأقوال ليست بإجماع؛ لأن الإجماع عنده هو ما تيقن أن الصحابة، والفقهاء أولهم وآخرهم قد قال به، وعلموه جميعًا دون سكوت أحد منهم، ولا خلاف من أحد منهم.

أما غير ذلك فليس بإجماع عنده، وعلى هذا فهو يرى أن ما جاء به القرآن الكريم، والسنة النبوية هو قطع اليد، ولا تقطع رجل، وهذا ما لا إشكال فيه عنده٢.

المقالة الثالثة:

ذهب فقهاء الأحناف إلى القول بأن من سرق تقطع يده اليمنى، فإن سرق بعد ذلك تقطع رجله اليسرى، فإن ثالثًا يقطع بل يعزر، ويخلد في السجن حتى يتوب أو يموت.

واستدل أصحاب هذا الرأي بأدلة كثيرة منها ما روي عن على بن أبي طاب كرم الله وجهه أنه قال: إذا سرق السارق قطعت يده اليمنى، فإن عاد قطعت رجله اليسرى، فإن عاد ضمنته السجن حتى يحدث خبرا،


١ من الآية ٣ من سورة الأعراف، نيل الأوطار ج٧ ص١٤٠-١٤٣.
٢ المحلى لابن حزم ج١٣ ص٣٩٨-٤٠٤.

<<  <   >  >>