للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد روى الإمام الشافعي -رضي الله تعالى عنه- بإسناده، عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في السارق: "إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله، ثم إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق، فاقطعوا رجله" ١.

كما استبدل أصحاب هذا الرأي بما روي من أن رجلًا من أهل اليمن أقطع اليد والرجل نزل على أبي بكر، فشكا إليه أن عامل اليمن قد ظلمه، فكان يصلي من الليل، فيقول أبو بكر: ما ليلك بليل سارق، ثم إنهم فقدوا عقدًا لأسماء بنت عيسى امرأة أبي بكر، فجعل الرجل يطوف معهم، ويقول: اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح، فوجدوا الحلي عند صائغ زعم أن الأقطع جاءه به، فاعترف الأقطع وشهد عليه، فأمر به أبو بكر، فقطعت يده اليسرى، وقال أبو بكر: لدعاؤه على نفسه أشد عليه من سرقته٢.

وقد قال أصحاب هذا الرأي أن الحكمة في قطع اليد والرجل، أن السارق يعتمد في سرقته على البطش والمشي، والقطع من خلاف يفوت جنس المنفعة على السارق، كما في قطع الطريق، فتضعف حركته.

ولأن السرقة مرتين تعدل الحرابة، ولما كان المحارب تقطع أولًا يده اليمنى، ورجله اليسرى، فإن عاد إلى الحرابة تقطع يده اليسرى ورجله اليمنى، فكذا في السرقة إن تعددت.

كما أن أصحاب هذا الرأي يرون أن من قطعت أطرافه الأربعة، وسرق بعد قطعها، فإنه يعزر ولا يقتل.


١ مغني المحتاج ج٤ ص١٧٨، المغني ج٨ ص٢٦٥.
٢ شرح الزرقاني ج٥ ص١١٣، شرح فتح القدير ج٥ ص٣٩٥.

<<  <   >  >>