للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا ما ذهب إليه الفقهاء في مقالاتهم عن عقوبة السرقة.

وما أميل إليه، وأرجحه هو ما ذهب إليه الإمام علي -رضي الله تعالى عنه- من أنه لا يقطع إلا اليد اليمنى، فإن سرق ثانية قطعنا رجله اليسرى، فإن سرق بعد ذلك لا يقطع، وإنما يعزر ويسجن حتى يتوب، أو يموت وما ذكره الإمام علي من حجة أرى أنها حجة قوية، تتفق وما تهدف إليه الشريعة سواء من حيث العناية بالإنسان، أو من حيث معاقبته إذا سرق.

ولا شك أن هذا الرأي يوائم بين الهدفين؛ لأنه يعاقب السارق بالعقوبة الرادعة الزاجرة، كما أنه يحميه من أن يصبح عالة عاجزًا عن العمل والتكسب.

كما أن من لم يقلع عن هذه الفعلة القبيحة بعد قطع يده، ورجله لا علاج له إلا العزل عن المجتمع حماية له، وللمجتمع حتى يغير الله من أمره، ويقوم إعوجاجه، وما ذهب إليه من القول بقطع اليد، وعدم قطع شيء بعدها إذا سرق المقطوع

مردود بما روى عن علي، وعمر وأصحابه -رضي الله عنهم أجمعين.

أما ما استدل به من رأى قطع الأعضاء الأربعة، فإن سنده مطعون فيه، وعلى هذا لا يصح أن يطون دليل عقوبة حدية، كما أن ما رد به ابن حزم من اشتراط كون الإجماع هو ما صوبه الجميع، وعملوا به دون سكوت من أحد منهم، ولا خلاف، فهو رد غير مقبول؛ لأنه لا يخفى أن كثيرًا من أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانت لهم أعمال تشغلهم عن حضور مثل هذه الأمور، وما ذلك من ابن حزم إلا سعى للأخذ بما جاء به القرآن، ووافقته السنة، دون إضافة أو تفسير، كما هو اتجاه ابن حزم.

<<  <   >  >>