للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحاربين بعقوبة متوافقة، من صلب وقتل عند الإمام مالك، ومن تطبيق عقوبة واحدة عند ابن حزم.

والذي أرجحه في كل ما سبق هو أن الإمام ملزمًا بالترتيب، وليس به اختيار العقوبة حسب ما يرى ويرغب؛ لأن عقوبات الحدود من سماتها، أن الشارع الحكيم قد حددها تحديدًا دقيقًا، ولم يبق لولي الأمر إلا إثبات الجناية فقط، والقول بالتخيير يتعارض مع هذا، كما أنه يفتح باب المجاملة ومراعاة الأشخاص، الأمر الذي كم عانت منه النظم الوضعية، والذي نهى عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم.

عقوبة شرب الخمر:

اتفق الفقهاء على تحريم شرب الخمر١، ووجوب عقاب شاربها، وأن عقوبته هي الجلد، ولكنهم لم يتفقوا على مقدار هذه العقوبة، فقد حددها فقهاء الأحناف، والمالكية، والغالب عن الحنابلة ثمانين جلدة.

أما فقهاء الشافعية، والظاهرية، ومن وافقهم من الشيعة، وما جاء في رواية عن الإمام أحمد، فإنهم ذهبوا إلى أن حد شرب الخمر أربعون جلدة.

واستدل كل لرأيه بأدلة.

أولًا: ما استدل به القائلون بأنها ثمانون جلدة:

١- لما أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشارب خمر، وكان عنده -صلى الله عليه وسلم- أربعون رجلًا أمرهم أن يضربوه، فضربه كل رجل منهم بنعليه، فكان ذلك في معنى ثمانين جلدة٢.


١ يأتي تعريف الخمر في الباب الثاني من هذا البحث.
٢ صحيح الترمذي بشرح ابن العربي ج٦ ص٢٢١.

<<  <   >  >>