للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا النص القرآني الكريم قد اشتمل على عقوبتين للقذف.

إحداهما عقوبة أصلية وهي الجلد، والثانية عقوبة تبعية وهي عدم قبول الشهادة.

العقوبة الأولى:

حدد الله سبحانه وتعالى عقوبة القذف بثمانين جلدة١.

وللفقهاء آراء في إمكان إسقاط هذه العقوبة بعفو المجني عليه، وهم يربطون بين ذلك، وبين اشتراط مطالبة المقذوف، وقيامه برفع الدعوى أمام القاضي.

فقهاء الشافعية، والحنابلة يرون أن عقوبة القذف حق للآدمي، ومن ثم فلا بد من مطالبته بها، وإقامة الدعوى منه على الجاني، كما أنهم جعلوا له حق إسقاط العقوبة بعفوه عن الجاني؛ لأنه لما كانت هذه العقوبة لا تستوفى إلا بعد مطالبته بها، فإنها تسقط بعفوه كالقصاص.

كما أنها لا تقام بقذف الوالد ولده، وإن نزل، وقد وافقهم في ذلك أبو يوسف، فأسقطها بعفو المجني عليه٢.

أما جمهور فقهاء الأحناف والظاهرية، فإنهم يرون أن عقوبة القذف حق لله تعالى؛ لأن الفائدة تعود من إقامتها إلى المجتمع كله.


١ إذا كان مرتكب الجريمة من الأحرار، إما إذا كان عبدًا، فإنه يلزم نصفها وهو أربعين جلده نظرًا؛ لأنها عقوبة تبعض فيكون العبد فيها على النصف من الحر، المغني ج٨ ص٢١٧، الخرشي ج٨ ص٨٨، المهذب ج٢ ص٧٢، فتح القدير ج٥ ص٣١٩.
٢ المهذب ج٢ ص٧٤، المغني ج٨ ص٢١٧-٢١٩، تحفة المحتاج لابن حجر ج٧ ص١٢٠ فتح القدير ج٥ ص٣٢٧.

<<  <   >  >>