والذي أميل إليه وأرجحه، أن الأعتداء هنا قد وقع على حقين حق لله سبحانه وتعالى، وهو ما يمس المجتمع وسمعة الأفراد، وحق للعبد وهو ما تعرض له شرفه ونسبه عن ضرر، وأذى غير أن حق العبد هنا هو الحق الغالب، وعليه فلا بد من مطالبته بحقه، وإقامته للدعوى، مادام قادرًا على ذلك، فإذا لم يطالب بحقه ولم يقم الدعوى، ويثبت الجناية عند القاضي، وأمكن القاضي أن يلزم الجاني بعقوبة تعزيرية مناسبة، ولا يلزمه بالعقوبة الحدية لعدم مطالبة المجني عليه التي تحتمل معها الشبهة.
أما إذا أقام المجني عليه الدعوى، وثبتت الجناية، فإن الحق هنا أصبح حقا لله سبحانه وتعالى، ولا يسقط بعفو المجني عليه.
كما أن قذف الوالد لولده لم تلزم به العقوبة الحدية، إلا أن للقاضي أن يقيم على الوالد عقوبة تعزيرية مناسبة لتعريضه للضرر.
عقوبة الردة:
يرى جمهور الفقهاء أن من ارتد من المسلمين يجب قتله أن لم يعد إلى الإسلام بعد عرضه عليه، عملًا يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "من بدل دينه فاقتلوه" ١.
والمراد من بدل دين الإسلام الذي اعتنقه، وخرج منه إلى دين الكفر وجب قتله.
١ نيل الأوطار للشوكاني ج٧ ص٢١، البخاري بشرح ابن حجر ج٢ ص٢٦٧.