للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولًا: المشرع الحكيم هو الذي حددها، وبين نوعها ومقدارها، ولم يدع لغيره -حاكما كان أو محكومًا، قاضيا كان أم مقضيا عليه- أن يمس مقدارها بالزيادة أو النقصان، التغيير أو التبديل، أو الإسقاط عمن وجبت عليه، من غير مبيح

شرعي، وليس له أيضًا أن يلزم بها أحدًا من غير أن يكون قد ارتكب ما يقضي بإلزامها له.

وكل ما لهؤلاء هو أن يتحروا وجوبها على الجاني الذي وقع منه عما يوجبها عليه، وليست هناك شبهة في فعله، أو قصده.

كما أن على من يلزمه بها أن يدقق، ويمحص إدلة إثبات جناية الجاني بالصورة التي

رسمها الشرع الشريف.

ثانيًا: ليس لشخصية الجطاني أي اعتبار من حيث التأثير في كم العقوبة الحدية أوكيفيتها، إذ إن ذلك لا يختلف باختلاف الأشخاص.

ولا يعارض ذلك ما تجب مراعاته في الحكم بعقوبة الزنا من كون الزاني محصنًا، أو غير محصن إذ إن ذلك ليس راجعًا لاعتبار شخص، وإنما؛ لأن الشارع وضع لكل منهما عقوبة خاصة به.

ثالثًا: عقوبات الحدود إذا ثبتت جنايتها، فإن القاضي لا يملك إلا الحكم بعقوبة ما ثبت عنده، ولا يجوز له أن يحجم عن الحكم بالعقوبة الحدية التي ثبتت، ولا أن يقبل شفاعة أحد أيا كان الشافع، أو المشفوع له.

كما أنه ليس من حقه أيضًا أن يعفو عن الجاني إشفاقًا عليه أو رحمة به، وإن كان له أن يؤجل استيفاء الرجم مثلًا بالنسبة للحامل، حتى تضع حملها، وحتى ترضع١.


١ نيل الأوطار ج٧ ص٢٥ وما بعدها.

<<  <   >  >>