ولا يخفى أن الشريعة الإسلامية، وهي تراعي حق الجماعة، ولم تهمل انفرد، وإنما عنيت به، وعملت على إنصافه١.
ج- الشريعة الإسلامية لا تعاقب بالحبس، أو السجن إلا على القليل من الجرائم، وبذا أراحت المجتمع من السهر على هؤلاء المحبوسين والمسجونين، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أراحت هؤلاء من كل ما يلاقونه في حبسهم أو سجنهم، فلم تقطعهم عن الحياة، والناس وعنه مباشرة أعمالهم ومزاولة انتاجيتهم، إلا في القليل النادر.
بينما أغلب عقوبات القوانين الوضعية في الحبس أو السجن، وفي هذا ما فيه من إفساد للفرد، وتعطيل لإنتاجه، بل وقضاء على أسرته، وإلزام المجتمع بحراسته، والسهر عليه وما إلى ذلك، مما فيه من إذكاء لروح الصراع، والكراهية بين الفرد ومجتمعه، الأمر الذي لا يثمر إلا الخسران للفرد، والمجتمع كليهما.
و قد يزعم البعض أن الشريعة فيما وضعته من نظام عقابي لم تراع حالة الجاني، ولم تهتم بنفسيته وإصلاحه، بل قست عليه وأهملته، وعاقبته بعقوبة لا تتناسب وجريمته، إذ هي تقطع يده إذا سرق قدرًا يسيرًا، كما تعاقب الشهود على جريمة الزنا بالجلد إذا لم يبلغ عددهم أربعة، مع أنهم لم يزنوا وإنما أبلغو عما شاهدوه.
ومثل هذا الزعم لا يجوز إيراده.
١ المدخل للفقه الإسلامي أد/ سلام مدكور ٤٢٠-٤٢٢ ط الرابعة".