للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المدعي عليه -إلا أن ذلك-، وإن لم يكن فيه تجن ومكر ومكيدة -قد أصاب المبلغ عنه بأضرار في عرضه، وحيائه لا تقف عند حد المساس به هو فقط، بل تتعداه إلى أهله وذويه الذين يعتزون به، والذين قد يصل بهم الأمر إلى قتله والتخلص منه، وقد يعترضون أيضًا لهذا المبلغ، أو الشهود الذين لم يكتمل نصاب شهادتهم، كل ذلك بهدف الانتقام، والثأر لعرضهم وكرامتهم.

إذا كان الأمر سيترتب عليه ذلك كله، وأكثر أفلا يكون الأولى أن يستر المسلم أخاه١، وأن يتحرى الدقة، وأن يتأكد أن الداني الذي رآه في حالة جنايته عدد كبير سيفتح أمره حتى وإن لم تقم العقوبة عليه.

ثم قبل هذا كله وبعده، هذه العقوبة قد نصت عليها الآيات الكريمة، في قول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} ٢.

إن الطبيب الماهر والحاذق هو الذي يضع لرواده النظاز العلاجي الدقيق والدواء الناجح، والذي وأن كان مرًا وقاسيًا في ظاهره إلا أن السلامة والأمن، والراحة في المحصلة النهائية لكل ما وضعه هذا الطبيب، وعالج به وإن كان قد بتر بعض الأعضاء ليسلم الجسد كله.


١ لا يتعارض ذلك مع ما جاء في قوله تعالى: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} ، فقد ذكر القرطبي أن النهي هو حيث يخاف الشاهد ضياع الحق، وقال ابن عباس: على الشاهد أن يشهد حينما استشهد، ويخبر حيثما استخبر، الجامع الأحكام القرآن ج٢ ص١٢٢٣.
٢ الآية ٩ من سورة النور.

<<  <   >  >>