للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا الجانب الذي توهم أدعياء التحضر أنه لا يواكب الحضارة البشرية في عصرها الحديث، وهم واهموان في هذا جانبهم الصواب فيما ذهبوا إليه.

ودعواهم هذه وأن كانت تستهدف أبعاد التقنينات الإسلامي عن مجال التطبيق، فإنها توجب أيضًا على المشتغلين بالفكر الإسلامي أن يشحذوا هممهم لكشف كنوز تراثهم وتشريعاتهم، وبهذا يمكنهم أن يدحضوا كل هذه الافتراءات بالحجة والدليل.

وهذا ما حدى بي إلى أن أنتحي هذا الجانب من الدراسة التشريعية إذ أنه في تقديري من أهم ما يجب دراسته، وإبانة ما فيه من فكر إسلامي عادل وقويم إذا ما قيس، وقورن بالفكر الوضعي في هذا المجال، مغتنمًا هذه الصحوة الدينية التي كثيرًا ما يسمع صوتها، وهو ينادي بتطبيق الشريعة الإسلامية، وإحلالها بدلًا من التقنينات الوضعية، وعلى الأخص في مجال التجريم والعقاب، هذا الجانب الذي عطل في أكثر بلاد العالم الإسلامي، واستعيض عنه بالفكر البشري الذي يخضع للتغيير، والتبديل نتيجة الهوى والرغبة، ولا غرو فهو في غالبه فكر حل بلادنا مع ظروف قهر، واستبداد وتسلط من المخرب الأجنبي الذي ادعى لنفسه أنه يريد أن يعمر بلادنا، وحتى في أشد أوقات العداء له أطلقنا عليه كلمة مستعمر، ولا عجب فما أكثر أسماء الأضداد استعمالًا بين شعوب الأمة الإسلامية.

إن عجز القوانين الوضعية عن الوصول إلى مخرج مما يزداد انتشارًا كل يوم بين صفوف الأمة من جرائم، وفساد أصبح أمرًا واضحًا لا يحتاج إلى برهان، بل إن التقنينات الوضعية بما وضعت من نظم تكون أحيانًا عاملًا من عوامل إذكاء روح الجريمة بين الناس.

<<  <   >  >>