ومثل هذا لا يمكن تحقيقه إذا وقعت على الجاني عقوبة من العقوبات الوضعية؛ لأنها لن تحقق زجر الجاني بالصورة السابقة، كما أنها لن تشفي صدر المجني عليه فيظل مشحونًا، ينتظر الفرصة المواتية ليثأر لنفسه، وتتكرر المأساة.
أو يضعف ويفترسه الوهن، والخذلان كلما رأى المعتدي.
ثانيًا: من حيث الردع المدني الذي لا يجدي غيره مع من تبلدت نفسه، وبهذا الردع البدني تحقق الشريعة هدفين:
١- إيلام المجرم إيلامًا جسديًا ليذوق مثل ما نزل بالمجني عليه، والشأن في هذا أن يقوم الاعوجاج، وكل من تحدثه نفسه بارتكاب جناية لكيلا يعرض نفسه مرة أخرة لما لاقاة من الآم أوجعت جسده.
ولا يخفى أن ما ينزل بالجاني من عقاب يكون في ملأ من الناس، وفي ذلك الألم كله للجاني، وأشق عليه من وقع السياط.
٢- إنزال العقوبة بالجاني بالصورة التي رسمها التشريع الإسلامي لا يستغرق وقتًا طويلًا، يترك بعده الجاني ليرعى شئون نفسه ومن يعول، حتى لا يضيع، ويضيعهم معه.
وذلك على العكس من العقوبة في النظام الوضعي التي تقضي بسجنه، فيضيع هو من يعولهم، ويخرج من سجنه، وقد تمرس على الإجرام، ولقن دروسه على أيدي عتاة الأشرار، فلا يلبث أن يعود إليه مرة ومرات.