للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له مخرج، فخلوا سبيله، فإن الإمام إن يخطئ في العفو خهير من أن يخطئ في العقوبة١.

ثم يقول -صلى الله عليه وسلم- لمن جيء به، واعترف بسرقته، ولم يوجد معه المتاع، "وما أخالك سرقت "مرتين أو ثلاثًا" ٢، أي ستر أبلغ من هذا، أو أستر منه؟: تعلم فقهاء الإسلام هذا وعملوا بمقتضاه، فيقول ابن قدامة: ويستحب للإمام، أو الحاكم الذي يثبت عنده الحد بالإقرار.

التعريض للمقر بالرجوع، إذا تم، والوقوف عن إتمامه إذا لم يتم.

ويستدل ابن قدامة لذلك بما كان من أمر ماعز، ويقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- لمن أقر بالسرقة: "ما أخالك فعلت".

ثم يقول: ويحكى عن أبي الدرداء أنه أتي بجارية سوداء سرقت، فقال لها: "أسرقت؟ قولي: لا، فقالت: لا، فخلى سبيلها.

كما يروى عن الأحنف أنه كان جالسًا عند معاوية، فأتي بسارق، فقال معاوية: أسرقت؟ فقال له بعض الشرطة: أصدق الأمير. فقال الأحنف: الصدف في كل المواطن معجزة، فعرض له بترك الإقرار٣.

أيبقى بعد هذا مقالة أو ادعاء مدع يزعم قسوة النظام العقابي في التشريع الإسلامي؟ إنه النظام القويم الذي يحفظ على المجتمع أمنه، ويدرأ العقوبة بقيام شبهة ينثلم بها عقد أركان الجريمة، أو دليل إثباتها اللذان لا بد وأن يكونا متكاملين أوثق ما يكون التكامل، وأتمه وإلا تغايرت العقوبة، أو برئ المدعي عليه.


١ نيل الأوطار للشوكاني ج٧ ص١١٨ ط مصطفى الحلبي.
٢ المراجع السابق ص١٥٠.
٣ المغني ج٨ ص٢١٢ "ط مكتبة الجمهورية العربية".

<<  <   >  >>