للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يجرى مجرى الشبهة من الشك والنسيان، أو السهو وآثاره في العبادات والمعاملات، وما يماثلها من أبواب الفقه.

أما الشك فأصله الضيق، وهو يقبض الصدر ويضمه، ويطلق على عدم التأكد. وقد أورد الشك بهذا المعنى كثيرًا في القرآن الكريم، فيقول الله سبحانه وتعالى مبينًا حال من اختلفوا في أمر عيسى عليه السلام، وسعوا في إيذائه: {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ} ١.

ويقول تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ} ٢.

{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي} ٣.

{قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} ٤، {وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} ٥.

وعلى هذا، فالشك قريب من الالتباس الذي هو المعنى اللغوي للشبهة، أو موافق له، فمن شك في وقوع شيء، فقد التبس عليه الأمر ولم يصل فيه إلى يقين، ومن تيقن الطهارة ثم شك في وقوع الحدث منه، فإن الحدث والحالة هذه أشبه الشيء الثابت، وإن كان مشكوكًا فيه، ولذا فهو ليس بثابت من حيث سريان ما يترتب على ثبوته من أحكام، فهو إذا قد وافق الشبهة أيضًا، المعنى الاصطلاحي الذي ذكره فقهاء الأحناف "ما يشبه وليس بثابت".

أما السهو أو النسيان فمعناهما واحد، ولذا قال صاحب لسان العرب "السهو نسيان الشيء والغفلة عنه، وذهاب القلب عنه إلى غيره


١ من الآية ١٥٧ من سورة النساء.
٢، ٣ الآيتان ٩٤، ١٠٤ من سورة يونس.
٤، ٥ من الآيتان ٦٢، ١١٠ من سورة هود، القرطبي ج٤ ص٣٢٢١.

<<  <   >  >>