للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الواقعة، وعليه يترتب على وجود هذا الدليل المرجوح، درء العقوبة الحدية التي قرره الدليل الراجح على كل من ارتكب الفعل.

وذكر فقهاء الأحناف مثالًا للمحل الذي اجتمع فيها الدليلان، فأنتجا شبهة الدليل، بالرجل الذي سرق من مال ابنه المقدار الذي تلزم به العقوبة الحدية للسارق لو كان المسروق لأجنبي، وقال فقهاء الأحناف: إن فعل هذا الأب الذي سرق من مال ابنه، قد اجتمع فيه دليلان متغايران يتجاذبان حكمه.

أما الأول وهو الدليل الراجح، فإنه يفيد التحريم، ويلزم العقوبة الحدية، ويتمثل هذه الدليل فيما جاء من قول الله سبحانه وتعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ١.

فهذا الدليل تنطوي تحته أفعال السارقين، ومنهم هذا الأب الذي سرق.

أما الدليل الثاني، وهو الدليل المرجوح، فإنه يفيد إباحة فعل الأب، ولا يعاقب عليه، ويتمثل هذا الدليل المرجوح فيما روي عن قول الرسول -صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك " ٢.

وعليه فإن وجود هذا الدليل المرجوح يورث في انطباق دليل التحريم الراجح، على ما ورد في حقه دليل الإباحة المرجوح.


١ من الآية ٣٨ من سورة المائدة.
٢ روى ابن ماجه عن جابر بن عبد الله أن رجلًا قال: يا رسول الله إن لي مالًا وولدًا، وإن والدي يحتاج مالي، قال: "أنت ومالك لوالدك إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم"، سنن أبي داود ج٢ ص٢٥٩ "ط الحلبي".

<<  <   >  >>