للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذين أسقطوا العقوبة الحدية هنا ألزموا الجاني عقوبة تعزيرية رادعة، يقول الخرشي عند حديثه عن شبهة الملك المسقطه للعقوبة الحدية: "وكذلك يؤدب من اشترى أمة لا تعتق عليه بنفس الملك كعمته، وابنة أخيه، وما أشبه ذلك ثم وطئها وهو عالم بتحريمها، وإنما لم يحد لعدم انطباق حد الزنا عليه، ويلحق به الولد، وتباع عليه خشية أن يعود لوطئها ثانية١.

ويقول ابن قدامة: وإن اشترى أمه أو أخته من الرضاعة ونحوهما، ووطئها فذكر القاضي عن أصحابنا أن عليه الحد؛ لأنه فرج لا يستباح بحال، فوجب الحد بالوطء كفرج الغلام٢، وقال بعض أصحابنا: لا حد فيه وهو قول أصحاب الرأي والشافعي؛ لأنه وطء في فرج مملوك به يملك المعاوضة عنه، وأخذ صداقه فلم يجب به الحد كوطء الجارية المشتركة.

فأما إن اشترى ذات حرمة من النسب ممن يعتق عليه، ووطئها٣ فعليه الحد لا نعلم فيه خلافًا؛ لأن الملك لا يثبت فيها فلم توجد الشبهة، وقد ذكر الشيرازي أن للشافعي رأين في هذا: إحدهما أنه يجب عليه الحد؛ لأنه ملكه لا يبيح وطأها بحال من الأحوال، فلم يسقط الحد.

والثاني: أنه لا يجب عليه الحد، وهو الصحيح؛ لأنه وطء في ملك فلم يجب به الحد٤.


١ الخرشي ج٨ ص٧٨، حاشية الدسوقي ج٤ ص٣١٦، ويراجع ما جاء في فتح القدير ج٥ ص٢٥٢-٢٥٣٧ البحر الرائق ج٥ ص١٢-١٧.
٢ أي يحرم وطؤها كما يحرم على مالك الغلام وطؤه.
٣ المغني ج٨ ص١٨٤.
٤ المهذب ج٢ ص٢٦٨ مغني المحتاج ج٤ ص١٤٤.

<<  <   >  >>