والتقسم السابق للجرائم المبني على أساس تقدير العقوبة، أو عدم تقديرها يظهر أثره بالنسبة للجرائم، وعقوبتها من حيثيات مختلفة.
أما بالنسبة لجرائم القسم الأول، وعقوبتها فإن منها جرائم لا يجوز العفو عنها إذا بلغت الحاكم حتى ولو لم يحكم فيها.
ومنها ما أجاز فقهاء الشافعية، وابن قدامة العفو فيها حتى وإن رفع الأمر للقاضي نظرًا؛ لأن الحق للآدمي، وتلزم مطالبته١.
أما الجرائم التي لا يجوز العفو عمن ارتكبها إذا بلغت الحاكم، فمثل جريمة الزنا، وجريمة شرب الخمر عند من يرى أن عقوبتها من العقوبات الحدية.
أما جريمة القذف، فإن هناك من الفقهاء من أجاز العفو عن الجاني مطلقًا رفعت إلى القاضي، وحكم فيها أو لم يحكم فيها، بشرط أن يكون العفو خالصًا لوجه الله.
ومن الفقهاء من قيد العفو فيها بكونه قد وجد قبل صدور الحكم، أما إذا وجد بعد صدور الحكم فلا أثر له؛ لأنه بعد الحكم في جريمة القذف أصبح الاستيفاء حقًا لله تعالى، ولم
١ ذهب فقهاء الشافعية إلى أن عفو المقذوف يسقط الحد عن القاذف؛ لأن ما يجب بالقذف من حد، وتعزير هو حق للمقذوف يستوفي إذا طلبه، ويسقط إذا عفى عنه، ووافقهم في ذلك ابن قدامة؛ لأن الحق في إسقاط عقوبة القذف لا يستوفى إلا بعد مطالبة الآدمي باستيفائه. المهذب ج٢ ص٢٧٤ المغني ج٨ ص٢٦٩ أما فقهاء الأحناف، فإنهم لم يجيزوا إسقاط عقوبة القذف بعفو المقذوف إذا ثبتت -الجريمة بالحجة، بدائع الصنائع ج٩ ص٤٦٠١ مطبعة الإمام بالقلعة.