للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الأئمة الثلاثة، فقد قالوا بوجوب الحد في مثل هذا لعموم الآيات القرآنية الموجبة للحد، ولعموم النصوص المأخوذة من السنة أيضًا، وعدم تخصيصها بغير المستأجرة للزنا، أو استثنائها من عموم الآيات.

وكذا لوجود المقتضي لوجوب الحد، وادعاء وجود الشبهة هنا نتيجة عقد استئجاره إياها ادعاء لا طائل تحته١، وما ذهب إليه الأئمة الثلاثة هو ما يقبله العقل، ويتفق مع تعاليم الشريعة الغراء؛ ولأنه لو أخذ بما ذهب إليه أبو حنفية لكان ذلك سبيلًا للفساق، والفجار تحت سمع وبصر الفقه الإسلامي، وبحماية منه، وهذا مما لا يقبل، أما ما استدل به أبو حنيفة حتى وإن صحت روايته، فقد يكون هناك ما قد ظهر للخليفة العادل عمر الغيور على حرمات الإسلام، وحدوده من أمور قد أغفلها الرواة ولم يذكروها، وسهو الرواة أمر ليس ببعيد، وفوق ذلك كله لا يجوز تخصيص عموم النص بمثل هذه الروايات المتعارضة وأهداف التشريع، هذه هي الشبهات التي تتعلق بالركن الشرعي، للجريمة وهي في جملتها تنضوي تحت شبهة الدليل بمفهومها العام،


= واحتج الإمام أبو حنيفة بما روي أن امرأة استسقت راعيًا، فأبى أن يسقيها حتى تمكنه من نفسها، فدرأ عمر -رضي الله عنه الحد عنهما، وبما روي أيضًا عن عمر من أن امرأة سألت رجلًا مالًا، فأبى أن يعطيها حتى تمكنه من نفسها، فدرأ الحد، وقال:
هذا مهر: ولا يجوز أن يقال: إنما دراء الحد عنهما؛ لأنها كانت مضطرة تخاف الهلاك من العطش؛ لأن هذا المعنى لا يوجب سقوط الحد عنه، وهو غير موجود فيما إذا كانت سائلة مالًا، كما ذكر في المبسوط ج٩ ص٥٨ البحر الرائق لابن نجيم ج٥ ص١٩-٢٠، فتح القدير ج٥ ص٢٦٢، تبيين الحقائق ج٣ ص١٨٤.
١ المغني ج٨ ص٢١١-٢١٢، تحفة المحتاج ج٣ ص١٣٤، منح الجليل ج٧ ص٤٨٨.

<<  <   >  >>