للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشوكاني: هذا الحديث رواه الخمسة إلا الترمذي١، أما فقهاء

الشيعة الزيدية، فقد ورد عنهم أن مما يسقط القطع عن السارق عفو المسروق منه، فإذا كان المال المسروق مملوكًا لشخص واحد، وعفا عن السارق سقط القطع، وإن ألزم السارق رد المال.

أما لو كان المال المسروق مملوكًا لجماعة، فقد اشترط فقهاء الشيعة الزيدية لإسقاط القطع، أن يكون العفو عن السارق قد صدر عن جميع الخصوم الذين لهم حق في المال المسروق، حتى ولو طلبوا رد المال، ولو لم يكن نصيب كل واحد منهم إلا دون النصاب.


١ نيل الأوطار ج٧ ص١٤٥، وذهب الإمام أبو حنيفة، ومحمد إلى أن السارق إذا
وهب المسروق بعد القضاء، وقبل الإمضاء سقط عنه الحد، وقد ردوا على ما
ذهب إليه أبو يوسف من القول بوجوب القطع استنادًا لما جاء به الحديث المذكور: بأن لا حجة لأبي يوسف فيه؛ لأن المروي قوله: هو عليه صدقة وقوله: "هو" يحتمل أنه أراد به المسروق، ويحتمل أنه أراد به القطع، وهبة القطع لا
تسقط الحد: يدل عليه أنه روى في بعض الرويات أنه قال: وهبت القطع. وكذا يحتمل أنه تصدق عليه بالمسروق، أو وهبة منه، ولكنه لم يقبضه والقطع إنما يسقط بالهبة مع القبض: بدائع الصنائع ج٩ ص٤٢٧٩.
وما ذهب إليه أبو حنيفة، ومحمد بعيد الاحتمال: إذ كيف يتصور أن المسروق منه يهب القطع؟ وأما ما قالاه من أن بعض الروايات قد جاءت بذلك، فهي رويات لرواة اختلط عليهم الأمر، وأمثال هؤلاء لا يعتد برواياتهم هذه في أمور التشريع الخاصة بالحدود، أما قولهما بأنه تصدق عليهم بالمسروق، أو وهبه ولكنه لم يقبضه، فهو قول لا تنهض به حجة؛ لأنه لو أمكن إسقاط القطع في مثل ذلك بالهبة لأمضى ذلك الرسول قبض الموهوب، أو لم يقبض؛ لأنه لا يتصور من الرسول قطع يد لتأخر قبض الموهوب.

<<  <   >  >>