للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل ما سبق لا بد من قيام ما يدل على انتقاء القصد الجنائي لدى الفاعل من قرائن وأدلة.

ولقد أخذ فقهاء القانون بما ذهب إليه الفقهاء هنا، وبحثوه عندهم، وأطلقوا عليه الجهل بالوقائع الجوهرية١.

وجهة نظر فقهاء القانون الوضعي في الجهل بالأحكام:

القاعدة العامة عند فقهاء القانون هي:

افتراض العلم بالقانون، وعليه فلا يعذر المرء بجهله القانون.

ولا يجوز له أن يحتج بذلك، ولا يعفيه جهله في الحقيقة من المسئولية الجنائية. ويعتبر العلم بالقانون قرينة قانونية قاطعة لا تقبل إثبات العكس.

كما أن المقصود بالعلم هو مكان العلم به على وجهه الصحيح، ويستهدف القانونيون من تقرير هذا المبدأ حماية مصالح المجتمع، واستقراره هو لو أجيز إسقاط العقوبة عن المتهم لجهله بالقانون لأصبح من العسير تطبيق الأحكام على الجناة؛ لأن في وسع كل منهم إدعاء الجهل بالقانون، أو بمعناه الصحيح، وإثبات عكس هذا الادعاء أمر بالغ الصعوبة إن لم يكن مستحيلًا.

ونظرًا؛ لأن هذا المبدأ في رأي بعضهم يعد قاسيًا، وغير منطقي خاصة في العصر الذي تلجأ فيه الدولة إلى الجزاء الجنائي لتدعيم أحكام قوانينها المختلفة، وفي ظل هذا السبيل العرم من القوانين الجنائية التي يثقل على القانونيين ملاحقتها، فقد وجد اتجاه عند الوضعيين يميل إلى التخفيف من مبدأ افتراض العلم بالقانون.


١ الأسس العامة لقانون العقوبات أ. د. سمير الجنزوري ص٤٣٢.

<<  <   >  >>