ونظرًا؛ لأن هذا البحث يتناول الجرائم الحدية، والشبهات التي تعتري أحد أركان جريمة من هذه الجرائم أو دليل إثباتها، كان لزامًا أن يقتصر الحديث هنا على طرق الإثبات التي يمكن على أساسها الحكم بالعقوبة الحدية، وبيان ما يعتري كل طريق منها من شبهات يترتب عليها درء العقوبة الحدية، سواء أنتج ذلك تبرئة المتهم، أو إلزامه بعقوبة تعزيرية تختلف، وعقوبة الجريمة التي لم يكتمل إثباتها عليه نظرًا لقصور في هذه الإثبات، أو لما لحقت به من شبهات.
وطرق الإثبات التي سيعرض البحث لها البيان هي:
أولًا: الإقرار وما يعتريه من شبهات تدفع الأخذ به في إثبات الجناية الحدية على المقر.
ثانيًا: الشهادة، وما يعتريها من شبهات تدفع الأخذ بها، وتنتج إسقاط العقوبة الحدية عن المدعى عليه، بل ويترتب على ذلك أحيانًا إلزام الشهود العقوبة الحدية، أو غيرها من العقوبات التعزيرية.
ثالثًا: القرائن، من حيث الاعتداد بها كدليل مستقل يمكن على أساسه إلزام المدعى عليه العقوبة الحدية، أم عدها من الأدلة المصاحبة، التي لا يتم عن طريقها وحدها الإلزام بالعقوبة الحدية.
وسيكون الحديث عن كل طريق من طرق الإثبات حديثا عامًا يتناول ما يشترط فيه كدليل إثبات، ثم أذكر ما يجب أن يتوافر فيه من الشروط الخاصة، بإثبات بعض الجرائم الحدية عند الحديث عن كل جريمة من هذه الجرائم.