للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسكران يخالف المجنون في أن الأول استتر عقله، ولكنه لم يذهب كالمجنون.

وللفقهاء آراء في الاعتداد بإقرار السكران، ولبيان ذلك يجب التفريق بين حالتي سكره؛ لأنه إما أن يكون معتديًا بسكره، أو يكون غير متعد به.

أولًا: المتعدى بسكره: "وهو من شرب مسكرًا عالمًا لغير ضرورة" يرى فقهاء الأحناف أن إقرار السكران المتعدي بكسرها إقرار صحيح يؤخذ به، إلا في الحدود الخالصة حقا لله تعالى، فمن أقر بقتل، أو بجناية على ما دون النفس من الجنايات التي تستوجب عقوبة القصاص، أو الدية أخذ بإقراره هذا؛ لأن هذه حقوق الآدميين، أما من أقر وهو سكران بجناية من الجنايات المتعلقة بحق من الحقوبق الخاصة لله سبحانه وتعالى كالزنا مثلًا، فإنه لا يؤاخذ بإقراره هذا؛ لأنه سكران؛ ولأن حقوق الله مبنية على المسامحة١.

من هذا يبين أن السكران المتعدي بسكره، إذا أقر بحد خالص لله سبحانه وتعالى، فإنه لا تلزمه العقوبة الحدية بإقراره هذا، أما إذا أقر بحق خالص للآدمي، فإنه يلزم بما أقر به.

ويلزم أيضًا بإقراره إذا أقر بما فيه حق لله سبحانه وتعالى، وحق


١ حاشية ابن عابدين ج٤ ص٦٢١، كما جاء في الهداية مع فتح القدير ج٤ ص٧٧١ ط، مصطفى محمد "ولا يحد السكران بإقراره على نفسه لزيادة احتمال الكذب في إقراره، فيحتال لدرئه؛ لأنه خالص حق الله تعالى، بخلاف حد القذف؛ لأن فيه حق العبد، والسكران فيه كالصاحي عقوبته عليه، كما في سائر تصرفاته، البحر الرائق ج٥ ص٧.

<<  <   >  >>