بجرائم لم يتركبها لينفي التهمة عن الفاعل الأصلي، وكثيرًا ما يحدث هذا إذا كان الجاني الحقيقي ذا جاه، أو سلطان ومعاقبته على جنايته سيترتب عليها إلحاق الضرر به، أو إضعاف جاهه أو سلطانه، وهو يستنكف هذا، لذا فإنه يسعى جاهدًا بكل الطرق والوسائل، فيغري غيره من ضعاف الناس والنفوس، أو الذين تخضعهم ظروفهم إلى قبول الإقرار على أنفسهم بجرائم ارتكبها الآخرون طمعًا في الجاه، أو المال أو ما إلى ذلك رغبًا أو رهبًا، فيقر هؤلاء بجرائم لم يقترفوها، وجنايات لم يرتكبوها١.
وكم كشفت الأحداث كثيرًا من هذا، ولذا فإن على الذي يحكم الواقعة أن يتحرى الدقة، ويحقق الوقائع، ويعمل جاهدًا لاستظهار الحق.
ومعرفة ما يمكن أن يخرج الحق عن نصابه الحقيقي، فيتجنبه، ويعيد الحق إلى نصابه حتى لا تزر وازرة وزر أخرى.
١ ذكر ابن قيم الجوزية أمثلة لقضايا كثيرة أقر فيها غير الجناية الأصليين بارتكابها لها، ثم وضح الحق، وظهر ما يعارض إقرارهم، الطرق الحكمية ص٨٢، ٨٥.