للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نحتاط في إقامة العقوبة بشهادته؛ لأن شهادته اعترتها الشبهة، والحدود تدرأ بالشبهات١.

وقد روى أبو داود أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد رد شهادة القانع٢ لأهل البيت، كما قال -صلى الله عليه وسلم: "لا تجوز شهادة زان، ولا زانية"، فهؤلاء لما انتقضت عدالتهم رد الرسول شهادتهم.

كما روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: لا يؤثر رجل بغير العدول؛ ولأن دين الفاسق لم يزعه عن ارتكاب محظورات الدين، فلا يؤمن أن يزعه عن الكذب.

فلا تحصل الثقة بخبره٣، وهذا يقتضي عدم قبول شهادته مطلقًا، فيما نحن بصدده.

واشتراط الفقهاء في الشاهد أن يكون ذا مروءة، فإن اختلت مروءته، فلا عدالة له، ولا تقبل شهادته٤.


١ تفسير القرطبي ج٧ ص٦٢٣١.
٢ القانع: الأجير، سنن أبي داود ج٢ ص٢٧٥.
٣ المغني ج٩ ص١٦٥.
٤ المروءة: يراد بها الإنسانية، وقيل: أن لا يأتي الإنسان بما يعتذر منه مما يبخسه من مرتبة أهل الفضل، وقيل: السمت الحسن وحفظ اللسان، وتجنب السخف والمجون، والارتفاع عن كل خلق دنيء.
فتح القدير ج٧ ص٤١٥، المهذب ج٢ ص٣٢٤- الخرشي ج٧ ص١٧٥ المغني ج٩ ص١٦٧-١٧٢، الطرق الحكمية ص٢٥٣، المدخل للفقه الإسلامي أ. د: سلام مدكور ص٣٥٧. قيد رجال القانون عدم جواز سماع الشهادة من شخص حكم عليه في جناية ارتكباها، بقيد أن تكون العقوبة التي حكم عليه بها عقوبة جناية، وعليه يحرم من الشهادة أمام المحاكم مدة العقوبة إلا على الاستدلال، فإذا حكم على المتهم بجناية بعقوبة الحبس، جاز سماع شهادته أثناء تنفيذ العقوبة عليه بعد حلف اليمين. أ. د: محمود مصطفى شرح قانون الإجراءات الجنائية ص٤٤٦، أ. د: رءوف مبادئ الإجراءات الجنائية ص٥٩٥.

<<  <   >  >>