للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقوله: والقياس أن لا تجوز؛ لأنها عبادة بدنية وجبت على الأصل، وليست بحق للمشهود له حتى تجوز الخصومة فيها، والإجبار عليها.

كما أن الشارع قد طلب الزيادة في عدد الشهود الأصول، لاحتمال سهو أو كذب أحدهم، لعدم العصمة من الكذب أو السهو، واحتمال ذلك يزيد بالنسبة للشهود الفرعيين١.

وإذا كان هذا هو رأي فقهاء الأحناف في شهادة الشهود الفرعيين، فإنهم أيضًا ذهبوا إلى رد الأخذ بكتاب القاضي إلى القاضي في إثبات الجنايات الحدية والقصاص نظرًا؛ لأن فيه شبهة البدلية، ولهذا فإنهم لا يعتدون به في إثبات حد أو قصاص٢.

وأرود ابن قدامة أقوال الفقهاء في الشهادة على الشهادة، ثم بين ما يرجحه ويرتضيه بقوله: ولنا أن الحدود مبنية على الستر والدرء بالشبهات، والإسقاط بالرجوع عن الإقرار، والشهادة على الشهادة فيها شبهة، فإنها يتطرق إليها احتمال الغلط، والسهو والكذب في شهود الفروع مع احتمال ذلك في شهود الأصل، وهذا احتمال زائد لا يوجد في شهادة الأل، وهو معتبر بدليل أنها لا تقبل مع القدرة على شهود الأصل، فوجب أن لا تقبل فيما يدرء بالشبهات؛ ولأنها تقبل للحاجة، ولا حاجة إليها في الحد؛ لأن ستر صاحبه أولى من الشهادة عليه؛ ولأنه لا نص فيها، ولا يصح قياسًا على الأموال لما بينهما من الفروق في الحاجة، والتساهل فيها ولا يصح قياسها على شهادة الأصل لما ذكرنا من الفروق، فبطل الإثبات.

ثم بين ابن قدامة أن شهادة الفروع لا يثبت بها قصاص أيضًا


١ فتح القدير ج٧ ص٤٦٢-٤٦٣.
٢ المرجع السابق ج٧ ص٢٩٦.

<<  <   >  >>