للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المذهب كالقصاص، وحد القذف أما العقوبة لله تعالى كالزنا، وشرب الخمر فلا تقبل فيها الشهادة على الأظهر، وخرج منها قول في عقوبة الآدمي، ودفع التخريج بأن حق الله تعالى مبني على التحفيف بخلاف حق الآدمي١.

والذي أرجحه من أقوال الفقهاء هذه، هو قول من ذهب إلى عدم الاعتداد بالشهادة على الشهادة في إثبات جناية من الجنايات الحدية، أو جناية قصاص نظرًا؛ لأن شهادة الأصل لا تقبل إلا إذا تم اليقين بصحتها، وانضم آلية غيره فيها، وفي بعض الجنايات الحدية لا بد أن يكون هؤلاء الشهود أربعة رجال بمواصفات معينة إلى آخر ذلك، مما يستهدف منه المشرع اليقين في إثبات هذه الجرائم، ودفع عقوبتها بقيام شبهة من الشبهات.

ولا يخفى أن الشهادة على الشهادة حجة لا تخلو من شبهة؛ لأن الشاهد الفرعي لا علم له بالواقعة، أو كيفيتها مما قد يستفسر عنه القاضي، إلا بما سمعه من الشاهد الأصلي، والشاهد الأصلي لمن يقص على الفرعي كل ما يمكن أن يسأل عنه القاضي ليتأكد من الواقعة، وما خالطها.

كما أن اختلاف صيغة الشهادة الأصلية نفسها قد يؤثر؛ لأن الشاهد الفرعي أن يحفظ الشهادة الأصلية حفظًا يجعله ينقلها نقلًا حرفيًا.

وفوق ذلك كله، فإن أداء الشهادة على الشهادة غير واجب، والستر على المسلمين أمر دعي إليه الرسول -صلى الله عليه وسلم، ورغب فيه خيف إضاعة حق الآدمي، فلا يخفى أن القاضي يمكنه إلزام الجاني بعقوبة من العقوبات التعزيرية المناسبة.


١ مغني المحتاج ج٤ ص٤٥٣.

<<  <   >  >>