للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يلحق شهادة من شبهة النسيان، أو التظليل طبقًا لما جاء في قول الله سبحانه وتعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} ١، واستدل جمهور الفقهاء على ما ذهبوا إليه بما جاء في قول الله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} ٢.

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} ٣.

فإلحاق التاء بالعدد يفيد أن المعدود مذكر طبقًا لما جرت به قواعد العربية، كما أورد ابن الهمام: "أن السنة مضت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والخليفتين بعده، أن لا تجوز شهادة النساء في الحدود والدماء؛ ولأن النص أوجب أربعة رجال بقوله تعالى: {أَرْبَعَةً مِنْكُم} ، فقبول امرأتين مع ثلاثة مخالف لما نص عليه من العدد والمعدود، وغاية الأمر المعارضة بين عموم -فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان- وبين هذه فتقدم هذه؛ لأنها مانعة وتلك مبيحة، وأيضًا هذه تفيد زيادة قيد وزيادة القيد من طرق الدرء، فإنه كلما كثرت قيود الشيء قل وجوده بالنسبة إلى ما ليس فيه زيادة تقييد؛ ولأن فيها شبهة البدلية ... والشبهة كالحقيقة فيما يندرئ بالشبهات، وسائر ما سوى حد الزنا من الحدود يقبل فيها شهادة رجلين، ولا تقبل


١ من الآية ٢٨٢ من سورة البقرة، ويراجع في ذلك القرطبي ج٢ ص١٢٠٥.
٢ من الآية ١٥ من سورة النساء، ويراجع في ذلك القرطبي.
٣ من الآية ٤ من سورة النور.

<<  <   >  >>